يمكن لروح المبادرة أن تترسخ في سنٍ مبكر. هذا ما أثبته فريق شركة ديناصور، وذلك عبر ابتكار تم تصميمُه لجمع البيانات من عَلٍ؟.

عندما التقى كلٌّ من محمد مرسي وعلي العجيل وأدان أدونيس في المدرسة الابتدائية بمدينة الدوحة، لم يكتفوا بتأسيس صداقة دائمة قادتهم في نهاية المطاف للدخول جميعًا إلى مجال ناشئ هو التكنولوجيا المتقدمة للطائرات بدون طيار، بل جمعوا بين تخصصاتهم الدراسية وخطواتهم الأولى في عالم الشركات الناشئة. ولا غرابة أن يصفوا أنفسهم بأنهم “عباقرة بالفطرة”.

وهاهم اليوم يوجّهون طاقاتهم بحثًا عن الفرص الذهبية التي يوظّفون فيها مجموعة مهاراتهم الفردية ورؤيتهم الجماعية من خلال شركة ديناصور، وهي شركة ناشئة تحتضنها واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا وتستخدم الطائرات بدون طيار وأجهزة الاستشعار المتخصصة لجمع بياناتٍ جوية فائقة الدقة يمكن أن تستفيد منها الصناعاتُ والهيئات في استخلاص معلومات قيّمة ومحددة بدقة وتوفير الوقت والجهد والمال.

في هذا الصدد، يقول محمد مرسي، الرئيس التنفيذي للشركة وكبير موظفي التكنولوجيا فيها: “إن كمية البيانات التي يمكن جمعها من خلال أجهزة الاستشعار المحمولة جوًّا هائلةٌ ولا حدود لها، والتكنولوجيا التي تُستخدم في طائراتنا بدون طيار مصممةٌ أصلاً لفلترة تلك البيانات واستخراج المستهدف منها. وقد بتنا اليوم قادرين في سنةٍ واحدة على جمع بياناتٍ أكثر من حجم البيانات التي قمنا بجمعها في السنوات الماضية مجتمعةً، ولكنّ التحدي يتمثل الآن في كيفية توظيفها والاستفادة منها. بالطبع لدى دولة قطر الموارد والرؤية اللازمتين للاستفادة من التطور الحاصل في هذا المجال، ونحن من جهتنا نمتلك الرؤية نفسها، ونشعر بأن منتجاتنا لها فائدةٌ كبيرة يمكن أن تستفيد منها البلاد.”

بدأت فكرةُ شركة ديناصور في التشكل والتبلور في وقتٍ كان الأصدقاءُ الثلاثة بعيدين مؤقتًا عن بعضهم بسبب دراستهم الجامعية. بعدئذٍ وفي أثناء زيارة ميدانية، قام محمد بزيارة مستودع قيد الإنشاء تابع لشركة أمازون كانت تكنولوجيا الطائرات بدون طيار تُستخدم فيه. يتذكر تلك الزيارة ويقول: “بعثت برسالة نصيّة إلى علي وأدان، وقلت لهما أشعر بأن هذه فرصة عظيمة يمكن استغلالها لفائدة دولة قطر، وينبغي علينا التفكير باستغلالها.”

ويضيف قائلاً: “كانت هذه طريقة لنرد شيئًا من الجميل لدولة قطر التي لم تبخل بدعمنا قطّ. كان كلُّ واحد منا يمتلك مهاراتٍ مختلفة ولكنها تكمّل بعضها بعضًا، فعلي وأدان كانا يمتلكان خبرةً في إنشاء الشركات الناشئة… وهكذا شاءت الأقدار أن نوحّد قوانا وطاقاتنا من جديد عند عودتنا إلى البلاد بعد التخرج.”

تضاءل الحماس في البداية بسبب اللوائح والقيود السارية، وقلّة الوعي العام فيما يتعلق بالطائرات بدون طيار في دولة قطر، فبدأ الأصدقاء الثلاثة يتساءلون حول جدوى الاستمرار في الفكرة والتركيز بدلاً منها على المسارات المهنية البديلة التي كانت متاحة أمامهم. تحدثوا بعد ذلك مع الدكتور توماس إيمرسون، وهو رائد أعمال معروف ومدير تنفيذي وعضو هيئة التدريس بجامعة كارنيجي ميلون في قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، وهي ذات الجامعة التي درس فيها أدان.

يقول علي العجيل، الرئيس التجاري لشركة ديناصور، عن تلك المناقشة: “آمن الدكتور توماس بنا وبفكرتنا. بالطبع اتصلنا به بصفة مستشار، لكن المفاجأة تمثلت في موقفه من المشروع إذ قال إنه لن يدعمه إلا إذا استثمر هو شخصيًا في قدراتنا نحن… أعطانا موقفه هذا دفعةً معنوية كبيرة جعلتنا نشعر وكأن لدينا ستيف جوبز.”

بهذا الزخم الجديد “اقتنص الفريق الفرصة”، فقام بتطوير نموذج أولي وبدأ بالبحث عن المستفيدين المحتملين وشرح الفكرة وتأسيس قاعدة للعملاء. يشرح محمد هذا قائلاً: “كنا نحصل دائمًا على أحد الردود الثلاثة التالية… كان البعض يعتقد أن الطائرات بدون طيار مخصصة للاستخدام العسكري فقط، والبعض الآخر لم يصدق أن تقنيتنا يمكن أن تنجز في غضون ساعتين ما يتم إنجازه عادةً في أسبوعين، وفئة ثالثة كانوا متحمسين لأنهم هم الرواد الحقيقيون الذين فهموا ما الذي يمكن أن يقدمه ابتكارنا لهم.”

حلّت المرحلة الفاصلة في حياة شركة ديناصور عندما دُعي الفريق للمشاركة في مؤتمر ومعرض كيتكوم (للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات) 2017، وهو أكبر حدث للتكنولوجيا الذكية في دولة قطر. فاز الفريق في المعرض بجائزة أفضل حلول للأعمال الذكية، ثم علم بأنه تم قبول شركتهم في حاضنة الأعمال بواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا.

يقول أدان أدونيس، المدير المالي للشركة ورئيس تطوير الأعمال فيها: “إن وجودنا في واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا يضعنا في بيئة مناسبة جدًا، حيث توجد شركات متعددة الجنسيات يمكنها الاستفادة من تقنيتنا، فهم متحمسون لمعرفتهم بوجود شركة مجاورة لهم يمكنها توفير الحلول الخاصة باستخراج البيانات. الحقيقة أن هذا منحنا مصداقية إضافية في أعين الشركات العاملة في السوق.”

في الوقت الذي يواصل الفريق تطوير شركة ديناصور، لم يقتصر تركيزه على مواءمة إمكانيات الشركة مع احتياجات السوق، بل شرع في بحث واستكشاف مجالاتٍ جديدة والتطبيقات التي يمكن توظيفها فيها. وفي هذا الشأن يقول علي: “نقوم اليوم بتحديد المجالات الأخرى التي يمكننا العمل فيها… صحيحٌ أن صناعة الطائرات بدون طيار مجالٌ جديد في البلاد، لكنه سريع النمو، وهذا يساهم في توفير طائفة واسعة من الفرص، مثل النفط والغاز والهندسة والبناء وغيرها. ولهذا نعتمد أسلوبًا جديدًا في التفكير، وهو أنْ نساهم في تقدم العالم بدلاً من الانتظار ورؤية العالم وهو يتقدم… فنحن لا نرغب في مشاهدة رؤية دولة قطر وهي تتحقق فحسب، بل نرغب بالإسهام في تحقيقها.”

يرفض محمد وعلي وأدان أيّة فكرة تنصح بعدم المجازفة في العمل مع الأصدقاء. وفي هذا يقول محمد، ويوافقه الصديقان: “الثقة كنزٌ ثمين… ولا يوجد  أفضل من العمل مع صديق.”

لكنْ مَن منهم اقترح اسم الشركة؟ إنه أدان الذي يقول: “الطيور أحفاد الديناصورات، والطائرات بدون طيار تشبه الطائر المجنح وتحلّق مثل الطيور.”

يؤمن فريق شركة ديناصور أن ابتكارهم يرقى بأهميته وفائدته إلى ما يدل عليه اسم الشركة.

 

لكي تكون رائد أعمال، فأنت بحاجة إلى:

“الاقتداء بشعارٍ مثل شعار شركة NIKE، “افعلها فقط”، وعدم الخوف من الفشل، فالفشل يؤدي إلى النجاح في نهاية المطاف”، محمد مرسي.

“إطلاق شركة ناشئة إذا كنت متأكدًا بنسبة 70% على الأقل عمّا سيكون عليه حال الشركة. وإذا كان بمقدورك شرح الفكرة لنفسك ولعامة الناس، عندئذٍ أنت مستعدٌ للانتقال بها إلى المرحلة التالية”، علي العجيل.

“أنْ تكون إيجابيًا وصاحبَ عزيمةٍ وتصميم، فهما العقليةُ التي ستساعدك على التغلب على كافة الصعاب والحواجز التي ستعترض طريقك حتمًا”، أدان أدونيس.

لمعرفة المزيد عن شركة ديناصور، يمكنك زيارة: www.dynasoar.co