الشركة الوحيدة في الشرق الأوسط التي طورت منظومة تشخيص بيطرية

يُعد سباق الهجن إحدى الفعاليات التي لطالما ميّزت منطقة الخليج العربي، كونه تقليد عريق يعود تاريخه إلى قرون مضت، ومتأصل في التراث الثقافي لدولة قطر. وهو بات مصدر استقطاب للسياح القادمين إلى مدينة الدوحة.

بيد أن هذا السباق، الذي يحظى بشعبية طاغية، بات يواجه العديد من العوائق، لا سيما لجهة صحة الهجن وأدائها، وهذه خلاصة خبرة سنوات طويلة من العمل في عيادة متنقلة خاصة عملت فيها في ميدان سباق الشحانية.

وخلال الوقت الذي أمضيته في الشحانية، بعد قدومي من الجزائر في عام 2010 وتخرجي هنالك كجراح بيطري، فقد لاحظت أن المدربين كانوا يُعانون من مشاكل جمّة في تشخيص أسباب إصابات الهجن. وقد دفعني ذلك لاستكشاف حلول للمساعدة على جعل تحديد الإصابات أكثر دقة وأقل كلفة. وبعد محاولات عديدة، فقد تمكنت من ابتكار “حذاء الهجن التشخيصي”، وهي أداة لقياس حالات العرج لدى الهجن، تستخدم أجهزة استشعار متخصصة تجمع البيانات وترسلها إلى حاسوب من أجل تحليلها.

واعترافاً بالطبيعة الابتكارية لهذه الأداة، التي تجمع ما بين خبرة الطبيب البيطري وقدرته على التشخيص، وتحليل المعلومات التي تجمعها أجهزة الاستشعار، فقد فاز مشروعي بالجائزة الأولى في نسخة عام 2013 من مسابقة “نجوم العلوم”، وهي برنامج تلفزيون الواقع التعليمي والترفيهي الذي تنظمه مؤسسة قطر.

بعدها بعام، تمكنت من الحصول على تمويل من واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، عضو قطاع البحوث والتطوير والابتكار بمؤسسة قطر، مما سمح لي بتطوير “فيتوسيس”، وهي الآن أول شركة من نوعها في العالم العربي تستثمر في البحوث والابتكار في مجالات تشخيص الأمراض البيطرية وصحة الحيوانات وأدائها.

وكما يُمكن لأي فريق عامل في شركة ناشئة أن يشهد، فإن تحويل المفهوم إلى منتج هو عملية طويلة ومعقدة، كونها تمرّ عبر مراحل عديدة، من إثبات صحة المفهوم، إلى تصميم وهندسة المنتج، ومن ثم تسويقه. وتتطلب هذه الرحلة الطويلة فريقاً متكاملاً من الأخصائيين والخبراء المتمرسين، وتمويلاً كافياً لضمان استمرارية المشروع، لأن العمل الفردي هو في منتهى الصعوبة. ولقد كنا محظوظين بالفعل بوجود واحة قطر التي زودتنا بكافة الموارد المذكورة آنفاً، خلال كل مرحلة من مراحل تطوير شركتنا.

وقد دفعنا دعم واحة قطر السخي من نجاح إلى آخر، حيث سُلطت الأضواء على “فيتوسيس”، خلال السنوات الخمس الماضية، في العديد من المعارض الدولية، والمعارض التكنولوجية، والبرامج الابتكارية، متضمنة معرض جنيف ووجهة الخيال.

ويعكس إطلاق “فيتوسيس” للعديد من الحلول الخاصة بتشخيص مشاكل الخيول الدور المهم الذي لعبته مؤسسة قطر وواحة قطر ليس فقط في التصدي للتحديات المحلية من خلال البحوث والتطوير، بل وكذلك تطوير التقنيات التي تواجه التحديات الإقليمية والعالمية ذات الصلة بالصحة، والطاقة النظيفة، والتعليم، والأمن السيبراني، وغيرها الكثير.

ومن أجل التصدي لتلك التحديات، يحتاج المبتكرون إلى منصة تجمع ما بين التخصصات المختلفة، على غرار الهندسة والبرمجة والطباعة ثلاثية الأبعاد والتصميم والتسويق والصناعة، بهدف تيسير عملية تطوير المنتجات التكنولوجية الراقية، ودعم تسويق التكنولوجيات الجاهزة للاستخدام.

وهذا ما توفره واحة قطر تماماً لرواد الأعمال الناشئين، الذين يتحتم عليهم استغلال هذه الفرصة من أجل تحويل أحلامهم إلى حقيقة على أرض الواقع. ونحن نرنو الآن إلى المستقبل، لكي نتمكن من توفير حلول جديدة تُساعد في تشخيص إصابات الخيول، مما سيسمح حتماً لشركة “فيتوسيس” بالنمو والتوسع ودخول أسواق عالمية جديدة.

يجب على المبتكرين الشباب أن لا يترددوا في استخدام الموارد التي توفرها واحة قطر ، خاصة في بداية مسيرتهم، وأن يُطلقوا العنان لإبداعاتهم بكل حماس، فهذا كله مفتاح النجاح.

الدكتور محمد دومير
مؤسس فيتوسيس