نظمت واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، بالتعاون مع شريكها الرئيسي، مركز “إكسون موبيل” للأبحاث قطر، ورشة عمل خُصصت لتسليط الضوء على المبادرات البحثية التي تركز على الفحم الحيوي ومناقشة إمكانية استخدامه في تحقيق مكاسب زراعية وبيئية متنوعة.

الدكتورة زهور سعيد، رئيس برنامج إدارة المياه في مركز “إكسون موبيل” للأبحاث قطر

ويمكن أن ينتج الفحم الحيوي الغني بالكربون من مصادر النفايات المختلفة، مثل النفايات الصلبة، أو نفايات الطعام، أو النفايات الصناعية. وعند إضافة هذه العناصر إلى التربة، نحصل على مادة صلبة قادرة على تحسين إنتاجية التربة وتشجيع الحياة النباتية وزراعة المحاصيل، علاوة على فوائدها الأخرى.

وفي هذا الصدد، أفادت الدكتورة زهور سعيد، رئيس برنامج إدارة المياه في مركز “إكسون موبيل” للأبحاث قطر، أن الهدف من وراء تنظيم هذه الورشة يكمن بالأساس في عرض مبادرة المركز المتعلقة بتطوير الفحم الحيوي واستخدامه لمعالجة مياه الصرف الصناعي وإبراز قدرته على تحسين جودة التربة وعزل الكربون.

الدكتور أسفاو بيكيلي، مستشار الأبحاث والتكنولوجيا والهندسة في شركة “إمبريال أويل” الكندية

وقد عكف الباحثون في شركة “إكسون موبيل” على مدى أكثر من عقدين على فحص مجموعة متنوعة من المواد العضوية، بما في ذلك الفحم الحيوي، لتحديد طرق تعزيز الاستدامة في البيئات الجغرافية والزراعية المتنوعة. ولفت الدكتور أسفاو بيكيلي، مستشار الأبحاث والتكنولوجيا والهندسة في شركة “إمبريال أويل” الكندية، في كلمته التي ألقاها خلال الورشة، الانتباه إلى قيمة الفحم الحيوي في استصلاح الأراضي عبر تحويل الأراضي القاحلة إلى أراضٍ منتجة، ومعالجة الأراضي عبر إزالة المواد الضارة من التربة.

وأوضح الدكتور بيكيلي قائلًا: “درست بعض أبحاثنا إمكانية استخدام الفحم الحيوي لتحسين جودة التربة وزراعة المحاصيل، لا سيما في الأراضي الزراعية. وبالنسبة لبلدان، مثل قطر التي يوجد بها تربة قاحلة ورملية وتعاني من هطول أمطار أقل نسبيًا، يحمل الفحم الحيوي إمكانات هائلة للقطاع الزراعي. وفيما يتعلق بالأمن الغذائي، على وجه الخصوص، يعزز الفحم الحيوي الإمكانات الغذائية للتربة، وهو ما يوفر مكانًا أكثر صحة وتغذية لنمو النباتات.”

وأضاف: “في ما يتعلق بالفوائد البيئية، يساعد الفحم الحيوي على عزل الكربون – وهي عملية احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه. ويعني ذلك أننا سنتمكن من تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري ومكافحة ظاهرة تغير المناخ.”

الدكتور محمد جمال الدين، الأستاذ بقسم الهندسة المدنية والبيئية بجامعة ألبرتا الكندية

من جانبه، سلط الدكتور محمد جمال الدين، الأستاذ بقسم الهندسة المدنية والبيئية بجامعة ألبرتا الكندية، الضوء على أهمية الفحم الحيوي في تعزيز جهود الاكتفاء الذاتي بدولة قطر، وكذا على استخداماته في معالجة المياه العادمة الناتجة عن صناعة النفط والغاز ومساهمته في دعم الاقتصاد الدائري، وهو نموذج مستدام يركز على إصلاح المواد وإعادة استخدامها لأطول فترة ممكنة بهدف الحد من استهلاك الموارد الطبيعية.

وقال: “تستورد قطر الكثير من المواد الغذائية بسبب ظروف الأرض غير المواتية لزراعة أنواع معينة من المحاصيل. ولكن مع إجراء تعديلات على التربة، باستخدام الفحم الحيوي، يمكننا تغيير هذا الوضع وتنويع مصادر الغذاء التي تُنتج في قطر.”

وأضاف: “لا تقتصر فوائد الفحم الحيوي على توفير العناصر الغذائية اللازمة لتحسين خصوبة التربة، بل إن تركيبته الفيزيائية تزيد من قدرة التربة على الاحتفاظ بالمياه، وهو ما يجعل هذا الفحم يوفر طريقة أكثر استدامة لزراعة المحاصيل وترشيد استهلاك المياه، التي تحظى بأولوية رئيسية في دولة قطر.”

الدكتور محمد الحرباوي، زميل ما بعد الدكتوراه في قسم التنمية المستدامة بجامعة حمد بن خليفة

كما شهدت الورشة تقديم الدكتور محمد الحرباوي، زميل ما بعد الدكتوراه في قسم التنمية المستدامة بجامعة حمد بن خليفة، عرضًا عامًا عن الأبحاث التي تجريها الجامعة حول إنتاج الفحم الحيوي واستخدامه. وقال في هذا السياق: “تعاني قطر من تدهور التربة لأسباب متنوعة، منها الملوحة وضعف قدرتها على الاحتفاظ بالمياه. ويساهم إنتاج الفحم الحيوي محليًا من مصادر النفايات المختلفة في توفير حل طويل الأمد لتحسين جودة التربة هنا.”

وأوضح الدكتور الحرباوي أن الباحثين في جامعة حمد بن خليفة عملوا بشكلٍ مكثف على هذا الجانب فقال: “ساهم الفحم الحيوي، الذي جرى إنتاجه في إطار الجهود التي بذلتها الجامعة، في توفير أكثر من 20 في المائة من مياه الري وساعد على تعزيز محاصيل الخضروات بأكثر من 30 بالمائة. بالإضافة إلى ذلك، درس فريق من جامعة حمد بن خليفة قدرة الفحم الحيوي على معالجة مياه الصرف الصحي، وأشارت نتائج الدراسة إلى تحقيق الفحم الحيوي لنتائج ملحوظة في تنقية مجاري المياه العادمة الصناعية الملوثة.”

وذكر الدكتور الحرباوي بأن جامعة حمد بن خليفة تعكف على إنشاء محطة تجريبية للانحلال الحراري، وهي العملية التي يتم من خلالها إنتاج الفحم الحيوي. وسوف تنتج هذه المحطة، الموجودة في الجزيرة الخضراء التابعة لمؤسسة قطر، أكثر من 100 كيلوجرام من الفحم الحيوي يوميًا عند تشغيلها، كما ستُنتج غاز الوقود الذي سيُستخدم في تشغيل محطة شحن للسيارات الكهربائية موجودة في الموقع.

وقد شارك في هذه الورشة ممثلون عن شركة قطر غاز، ووزارة البلدية والتخطيط العمراني، ووزارة البيئة والتغير المناخي.