ريمادز تُعيد تعريف الرعاية الصحية من خلال التقنيات الحاسوبية والذكاء الاصطناعي

عندما انتكست صحة ابني البالغ من العمر ستة أعوام بشكل مفاجئ، نتيجة لمرض مزمن وخطير، انقلبت حياتي وحياة زوجتي رأساً على عقب. وقد دفعتنا المعاناة إلى تأسيس شركة لم نكن نخطط لها من قبل، تحت مُسمى ريمادز.

وهكذا باشرت، معتمداً على خبرتي في مجال علوم الحاسوب، مهمة إعادة تعريف الرعاية الصحية باستخدام التكنولوجيا، وذلك بعدما اختبرت عن كثب التحديات الهائلة التي تواجه قطاع الصحة. وللتصدي لهذه التحديات، فقد شكّلت فريقاً موهوباً وبدأت بتصميم بيئة رعاية طبية جديدة وشاملة، من أجل الارتقاء بتجربة الرعاية الصحية إلى آفاق أعلى.

تسخّر بيئة ريمادز الذكاء الاصطناعي لتمكين المرضى من الحصول على تقييم فوري ودقيق لحالتهم الصحية، في أي مكان وزمان. بالإضافة لذلك، تتميز هذه البيئة بقدرتها على “التعلّم” باستمرار، والتعرّف على مزايا الأطباء واختصاصاتهم من أجل مطابقتهم مع الحالات الملائمة. وفي حال صحّت المطابقة، واستدعت فحص المريض، تُحاول هذه المنظومة اختصار وقت الانتظار في المستشفى أو العيادة من خلال تقنيات خوارزمية متطورة. وفي حال أسفر الفحص الطبي عن ضرورة تناول أدوية ما، تضمن المنظومة توزيع الدواء بسرعة وأمان عبر استخدام الذكاء الاصطناعي ومقاربات مبتكرة لأنظمة التوزيع.

تجدر الإشارة إلى أن جزءاً كبيراً من بيئتنا لا يزال قيد البحث أو في مرحلة الاختبار. ومن هنا، فقد قررنا استخدامها بصورة تدريجية، بدءاً بمرحلة طلب الأدوية وتوزيعها. ولكن تلك الخطوة واجهتها تحديات، لا سيما لجهة الحصول على التراخيص اللازمة للمنتج.

بيد أن إيماننا الراسخ برسالتنا، والتفاني والتصميم اللذين ميّزا فريق عملنا، بالإضافة إلى الدعم غير المحدود الذي وفرته واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، كانت كلها عوامل حاسمة في تحقيق النجاح. وبعد عامين، فقد تمكنّا من الحصول على التراخيص اللازمة لتشغيل الجزء الثالث من بيئتنا في السوق، والعمل كمنصة إلكترونية للطبابة والاستشارات.

والمنصة حالياً هي قيد النشر، وقد وفرت واحة قطر الدعم لنا فيما بعد مرحلة الترخيص. وتضع المنصة الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية، ومنتجات الحياة الصحية، في متناول كافة الأشخاص في قطر، اعتماداً على شبكة مترامية من الصيدليات ومتاجر المنتجات الصحية في كافة أنحاء الدولة.

وتتميز المنصة كذلك بكونها تسمح لكل مستخدم بالحصول على استشارات فورية، وتوصيات بالمنتجات الملائمة، من الصيدليين ومدربي اللياقة البدنية وأخصائيي التغذية وغيرهم.

ونحن نواصل عقد الشراكات مع أهم مزودي الرعاية الصحية والمنتجات الصيدلانية في قطر، لنتيح للمستخدمين إمكانية الوصول إلى الخبراء ومجموعة كبيرة من الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية، والفيتامينات، والمكمّلات، والأغذية العضوية، وحتى الاشتراكات في نوادي اللياقة البدنية وغيرها الكثير.

ومع ازدياد الطلب على منصتنا، فسوف نتابع دمج الأجزاء الباقية ضمن بيئتنا المتكاملة، لأننا نؤمن بأنها ستغيّر حياة المرضى من خلال تزويدهم بخدمات أسهل وأسرع وأكثر أماناً، بالإضافة إلى قيامها بتمكين مزودي الخدمات الصحية وأصحاب المصلحة.

ومع أن رحلتنا قد بدأت للتو، يتوجب عليّ الاعتراف بأن مشروعنا قد تمكن من التغلب على تحديات شائكة، مما يؤكد صحة القول المأثور: “الشركات الناشئة لا تفشل، لكن مؤسسيها يستسلمون”. بالرغم من التحديات التي واجهتها، فقد قررت عدم الاستسلام، وقد نبع ذلك من أعماق روحي، كوني أمنت على الدوام بأنني لست عاملاً تكنولوجياً بحتاً، بل شخص مؤمن بالعمل الإنساني لديه مسؤولية أخلاقية في تحسين حياة ابني والأشخاص الآخرين عبر علوم الحاسوب. وقد تمكنت ريمادز من تكريس ذلك على أرض الواقع.

وتبقى الحقيقة أن إنجاز أمور رائعة يتطلب وقتاً، وأن مسيرة النجاح حافلة بالتحديات والفشل. هذا هو واقع الحياة. ومن هنا، فإنه من الضروري أن يُنظر إلى التحديات وكأنها حوافز، وإلى الفشل على أنه ليس نهاية الطريق. فالمهم هو موجود داخل أنفسنا: الإيمان، والحماس، والرؤية، والشجاعة، والجرأة على الاستمرار والمثابرة. لذا فإن نصيحتي إلى رواد الأعمال هي في غاية البساطة: “استلهم القوة من أعماقك وبرهن للعالم ما يُمكنك فعله”.

الدكتور محمد حمود
المؤسس والرئيس التنفيذي لريمادز في واحة قطر، وأستاذ علوم الحاسوب في جامعة كارنيجي ميلون في قطر.