قبل خمس سنوات، خطرت للدكتور جيفري هيكس، مدير الصحة والسلامة والأمن والبيئة في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة، التابع لجامعة حمد بن خليفة، فكرة مبتكرة تروم تحسين حماية تنفس راكبي الدراجات في قطر. وبينما كان يحاول تجسيد الفكرة على أرض الواقع والعمل على إيجاد الحلول المحتملة ذات الصلة، تفشت في العالم جائحة كوفيد-19.

ويتذكر الدكتور هيكس ذلك قائلاً: “عندما أدركت أن حماية التنفس كانت ضرورية بالمعنى الأوسع بكثير وبدأت في التعمق في دراسة مسألة تلوث الهواء بالجسيمات الدقيقة، انتشر فيروس كوفيد-19 في مختلف أنحاء المعمورة.”

ووفقًا لتقرير البنك الدولي، تبلغ تكلفة الأضرار الصحية الناجمة عن تلوث الهواء نحو 8.1 تريليون دولار سنويًا، أي ما يعادل 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وبالإضافة إلى ذلك، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن 6.7 مليون حالة وفاة مبكرة تحدث كل عام بسبب تلوث الهواء.

وقد ساهمت الرؤية البحثية للدكتور هيكس وتجربته الشخصية مع حالات الحساسية في التنفس التي تسبب دخول المستشفى في بعض الأحيان، في تطوير النموذج الأولي، وهو غطاء بسيط يمكن ارتداؤه مع قناع ونظام لتنقية الهواء لحماية الأشخاص من الجسيمات الدقيقة، بما في ذلك مسببات الحساسية ومسببات الأمراض المحمولة جوًا.

ويقول الدكتور هيكس: “كانت النسخة الأولى التي صنعناها مشابهةً لقبعة البيسبول، لكن المشكلة تمثلت في أنها كانت ثقيلة بعض الشيء من الأمام”. وبينما يستخدم الجهاز نظامًا مدمجًا لتنقية الهواء، كان فهم طرق تحسين تصميمه وتعلم كيفية الوصول إلى العملاء المحتملين أمرًا أساسيًا في هذه المرحلة من الرحلة الابتكارية للدكتور هيكس وفريقه.

وبهذا الطموح، انضم الدكتور هيكس وشريكه التجاري، المهندس مجدي البغدادي، الذي يعمل أيضًا في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة، إلى الدورة الثالثة عشرة من برنامج تسريع تطوير المشاريع التكنولوجية “أكسيليريت”، التابع لواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا في عام 2022، حيث تلقيا التوجيه والتدريب لتحسين المنتج، الذي يسمى الآن “RESPO2”. وقد أتاح لهما التدريب إمكانية تحسين النموذج الأولى، واستقطاب العملاء، وإطلاق استراتيجية لتسويق المنتج.

وقال الدكتور هيكس: “لقد بدأنا من جديد مع برنامج “أكسيليريت” وتلقينا بعض التعليقات الرائعة وتعلمنا الكثير من الأمور. وقد أتيحت لنا الفرصة لطرح عرضنا التقديمي، والاستماع إلى المشاركين الآخرين والتعلم منهم، والتأمل الذاتي، وتلقي النقد البناء.”

وبالإضافة إلى التعلم من أقرانه خلال مشاركته في برنامج “أكسيليريت”، أعرب الدكتور هيكس عن تقديره للتوجيه الذي قدمه القادة المهنيون، الذين كان الكثير منهم رواد أعمال ناجحين. وقال: “قبل الانضمام إلى برنامج “أكسيليريت”، كنا نركز بشكل كامل على المنتج المبتكر ونفتقر إلى المعرفة اللازمة لتطوير الأعمال أو أساليب التسويق التي يجب مراعاتها. وقد فتح الموجهون أعيننا حقًا على الإمكانيات الواعدة. ويمكن أن يكون هذا النوع من تبادل المعرفة وتطوير العقلية الصحيحة لتحسين عروضنا باستمرار أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق النجاح.”

وفقًا للدكتور هيكس، أدت الأفكار المستمدة من البرنامج إلى طرح المزيد من التحسينات على جهاز RESPO2. وبالمقارنة مع النسخ السابقة، تتميز النسخة الحالية بأنها أخف بكثير، لذا يمكن ارتداؤها بسهولة فوق خوذات ركوب الدراجات. ويتميز القناع بوجود مادة البولي كربونات Z87، وهي مادة أقوى 200 مرة من الزجاج، وهو ما يجعلها مقاومة للكسر فعليًا، كما أنها تحتوي الآن على نظام مفصلي يسمح للمستخدم بسحب الحاجب بسهولة. ويستخدم قناع RESPO2 تكنولوجيا عالية الكفاءة لتنقية الهواء من الجسيمات لضمان تصفية كل نفس يأخذه المستخدم والتأكد من نظافته الفائقة.

وعلق محمد ذبيان، مدير برنامج التسريع في واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، قائلاً: “في المناطق القاحلة، مثل الشرق الأوسط، تظل التحديات الصحية المتعلقة بمسببات الأمراض المحمولة جوًا وحساسية الغبار قائمة. ويمكن أن يؤدي الابتكار دورًا مهمًا في المساعدة في معالجة المشكلة ولذلك نحتاج إلى مبتكرين، مثل الدكتور هيكس وفريقه لتطوير حلول مثل قناع RESPO2 الذي يتمتع بالقدرة على إحداث تأثير حقيقي. ومع ذلك، غالبًا ما يفتقر المبتكرون إلى الخبرة اللازمة لإحراز التقدم بصفتهم رواد أعمال، وهنا يقدم برنامج “أكسيليريت” خدمات التوجيه اللازمة.”

وذكر الدكتور هيكس أن الدراسات الاستقصائية الأولية للسوق التي أجرتها الشركة الناشئة كشفت عن وجود اهتمام كبير من أولياء الأمور الذين لديهم أطفال يعانون من الربو بهذا القناع. ويستخدم فريق تطوير قناع RESPO2 المعرفة المكتسبة من برنامج “أكسيليريت” لتخطيط الخطوات التالية نحو تسويق المنتج التي ستتضمن تلبية احتياجات التصنيع والتسويق والتوزيع.

وبما أن الدكتور هيكس لا يزال حريصًا على تقديم الحل تجاريًا، فإنه ينصح المبتكرين الطموحين بالإيمان بقوة إبداعهم. وحول ذلك، يقول: “يحتاج الناس إلى البدء في الاعتقاد بأن الحلول يمكن أن تأتي من أي فرد منا. كما يشجعهم ذلك على استكشاف أفكارهم باستخدام جميع الموارد المتاحة لهم مثل الدورات والبرامج المتقدمة على غرار برنامج “أكسيليريت”. ونحن بحاجة إلى تكاتف جهود وأفكار المبدعين والمبتكرين. ومن المهم جدًا التواجد حول أشخاص ملهمين وتلقي التوجيه من ذوي الخبرة.”

ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالابتكار، أكد الدكتور هيكس أن المال يجب ألا يكون الحافز الوحيد. وحول ذلك، يقول: “إذا كان لديك موهبة هائلة يمكن أن تقدمها للعالم، من خلال ابتكارك، فسوف تشعر بالمكافأة فعليًا. وما عليك إلا أن تفكر في الصالح العام.”

وسوف تبدأ الدورة الرابعة عشرة من برنامج “أكسيليريت” التابع لواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، عضو مؤسسة قطر، بتاريخ 27 ديسمبر 2023. لمعرفة المزيد عن البرنامج، يرجى زيارة: https://qstp.org.qa/ar/xlr8