بقلم داني رمضان، مدير الاستثمار بواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا

 

اجتمع أكثر من 15,000 شخص من عشاق التكنولوجيا والمبتكرين والقادة من 118 بلدًا للمشاركة في أكبر مؤتمر للتكنولوجيا على الصعيد العالمي، والمتمثل في “قمة الويب”، التي عُقدت مؤخرًا في قطر. وفي ظل مشاركة أكثر من 1,000 شركة ناشئة في هذا الحدث المرموق، يقول المنظمون إن هذا المحفل احتضن أكبر مشاركة على الإطلاق للشركات الناشئة، وذلك على مدار تاريخ مؤتمرات القمة. وتعكس هذه الأرقام المثيرة للإعجاب الاهتمام العالمي بالوضع التكنولوجي المزدهر في قطر، علاوة على الجهود الحثيثة التي بذلتها البلاد، على مر السنوات الماضية، لكي تصبح مركزًا للتقدم التكنولوجي في المنطقة.

وقد أكدت استضافة البلاد لقمة الويب قطر 2024 على التزامها بتعزيز ارتباط المنطقة بمجتمع التكنولوجيا الدولي. وحقق هذا الحدث فوائد لا تحصى للمشاركين، ووفر كذلك منصةً رائعةً للمؤسسين المحليين والإقليميين لمعرفة القيمة التي يمكن أن تقدمها قطر لأعمالهم. كما أن الحصول على فرصة التعامل مع عوامل التمكين الرئيسية في منظومة التكنولوجيا وريادة الأعمال بدولة قطر يعني أن الشركات الإقليمية أصبحت الآن على دراية أفضل بالمستثمرين الموجودين على أرض الواقع، إذْ تمكنت من إقامة اتصالات مع العملاء المحتملين المتحمسين ليكونوا جزءًا من عملية نموهم.

وعلاوةً على ذلك، فقد سلط هذا الحدث التاريخي الضوء على حيوية منظومة التكنولوجيا والابتكار في قطر، ليس فقط من حيث المواهب التكنولوجية المتاحة، بل أيضًا من حيث توافر العروض المتنوعة، بما في ذلك مجموعة من برامج تسريع نمو الشركات الناشئة، والحضانة، والتمويل، والإرشاد. وبالنسبة للشركات التي تتطلع إلى التوسع في المنطقة، فإن هذه المرافق توفر دعمًا ورؤى متميزة يمكن أن تساعد بشكل حيوي في إرساء أساس قوي لتطورها ونجاحها المستقبلي في المنطقة.

وبطبيعة الحال، يرتبط دخول سوق جديدة بالتعرض لمجموعة من التحديات الخاصة بتلك السوق، إلا أن الكيانات المحلية، مثل “وكالة ترويج الاستثمار في قطر”، وُجدت لأجل التخفيف من هذه التحديات عن طريق منصتها الشاملة “ابدأ من قطر“. وتعمل هذه المنصة، التي أُطلقت قبيل انعقاد القمة، على دمج خدمات الدعم الوطنية للشركات الناشئة الطموحة من جميع أنحاء العالم لتمكينها من إنشاء منافذ لها في قطر. وقد عُرضت هذه المبادرة في قمة الويب قطر 2024، بالتعاون مع الأطراف المعنية البارزة في المنظومة، بما في ذلك واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، عضو مؤسسة قطر، التي تلتزم بتعزيز تطوير التكنولوجيا والابتكار في قطر.

وإلى جانب توفير مدخل لبيئة الأعمال القوية في قطر، قدَّم هذا التجمع العالمي تجارب رائدة للشركات الناشئة المحلية لمساعدتها في بناء شبكة علاقاتها وتوسيع مجموعة مهاراتها ومشاركة قصص نجاحها وعرض تأثير حلولها. وقد شاركت العديد من الشركات الناشئة التي حظيت بدعم من منظومة واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، بعد انتقالها من مرحلة عرض الفكرة إلى تطوير المنتج ثم نحو البحث عن عملائها الأوائل ومضاعفة رأسمالها، بنشاط وفعالية في هذه القمة. ومثلت أربع شركات من الشركات الناشئة في دولة قطر في مسابقة العروض التجارية المرموقة، حيث تنافست مع نخبة من الشركات الناشئة القادمة من جميع أنحاء العالم. وأظهرت إسهاماتها الرائعة في هذا الحدث بجلاء تميز برامج الواحة في تنمية المواهب التكنولوجية، وإتاحة الإمكانيات اللازمة لهم لتحقيق النمو وتوفير السبل الكفيلة باستقطاب العملاء والمستثمرين من داخل المنطقة وخارجها.

وبالإضافة إلى تعزيز إمكانية رؤية الشركات الناشئة المحلية والإقليمية، أظهرت قمة الويب قطر 2024 أن هناك إقبالٌ من المؤسسين العالميين على فهم السوق القطرية وإبداء الاهتمام بالتوسع فيها. كما أتاحت القمة للمستثمرين الوقوف على فرص مبتكرة من شأنها أن تدفعهم إلى الاستثمار في قطر. ومع استعداد البلاد لاستضافة النسخة القادمة من قمة الويب في فبراير 2025، من الواضح أنه سيكون هناك العديد من النتائج المثيرة التي ستعود بالنفع على منظومة الابتكار في قطر، وهو ما سيساهم في دفع الجهود التي تبذلها البلاد لتنويع مواردها الاقتصادية وأداء دور محوري في صياغة المستقبل العالمي لقطاع التكنولوجيا والابتكار.